عن مجلة قضايا الديمقراطية - وزارة الخارجية الامريكية
تعليم القانون المتواصل في الولايات المتحدة
بقلم ماكارينا تامايو - كالابريز، آنيت كوك، وشيرلي ماير
على المحامين في الولايات المتحدة واجب خاص كحماة لحكم القانون والعملية الديمقراطية. إن المحامين الأميركيين الذين يزيد عددهم عن مليون محام جميعهم محامون حلفوا اليمين القانونية كمسؤولين في المحكمة، بغض النظر عن الحقل الذي يمارسون فيه مهنتهم. وبصفتهم هذه ليس عليهم واجب أدبي ومهني وحسب بل أيضا واجب قانوني باحترام القانون، والمحافظة على الروح المهنية وحسن السلوك، وأن يكونوا منصفين ويضمنوا نزاهة العملية القانونية. هذه القيم الأساسية تساهم في بناء ثقة الشعب بالنظام. في هذه المقالة حول التعليم المتواصل للقانون، تتطّرق كل من ماكارينا تامايو - كالابريز، المديرة في المجلس الأميركي اللاتيني للمبادرات القانونية؛ وآنيت كوك، المديرة المشاركة، في مركز التعليم المتواصل للقانون التابع لجمعية المحامين الأميركيين؛ وشيرلي ماير، مديرة المنتجات التعليمية في مركز التعليم المتواصل للقانون، لأهمية التعليم المتواصل للقانون في دراسة قد تجد الديمقراطيات الناشئة ما يفيدها فيها.
يعمل المحامون في الولايات المتحدة في أطر متنوعة تضم الممارسة الخاصة (بدءاً من المحامي المنفرد ووصولاً إلى شركات المحاماة الكبرى الخاصة)، والوكالات الحكومية، ومكاتب المصالح العامة غير الحكومية، والدوائر القانونية للشركات، وكليات الحقوق. علاوة على ذلك، يمارس المحامون نشاطهم في عدد كبير ومتنوع من المجالات القانونية تضم الأعمال، والقضايا الدستورية، والشركات والأوراق المالية، والجريمة، والطاقة، والبيئة، والأسرة، والملكية الأدبية، والقضايا الدولية، والمصلحة العامة، والضرائب، وقانون الأمانات والودائع والأملاك.
هناك أسس لنظام العدالة في الولايات المتحدة في دستور الولايات المتحدة، غير أن المحامين تحكمهم أيضا قوانين الكونغرس الأميركي، ودساتير الولايات الخمسين، وأنظمة حكومات الولايات والبلديات. ويستند القانون في الولايات المتحدة أيضاً إلى قرارات المحاكم على المستوى الفدرالي ومستوى الولاية والمستوى المحلي، وتشمل هذه القرارات القانون العام للولايات المتحدة كما أن قرارات المحاكم السابقة تشكل سابقة بالنسبة لقرارات المحاكم اللاحقة المتعلقة بقضايا متشابهة.
ويعكس نظام العدالة في الولايات المتحدة التعقيد المتزايد لمجتمعنا الحاضر. فالصفقات التجارية المعقّدة، والتغيّرات التكنولوجية السريعة، والقوانين الحكومية المتسارعة تتطلب دراسة متواصلة. وعلى المحامين واجب تجاه أنفسهم وتجاه مهنتهم وزبائنهم يفرض عليهم مواصلة تعزيز مهاراتهم وتوسيع معرفتهم الحقيقية للقانون. من هنا كانت أهمية التعليم المتواصل للقانون كمكوّن هام في تدريب المحامين.
تعليم القانون كعملية متواصلة
عام 1992، نشر قسم تعليم القانون والقبول في مهنة المحاماة التابع لجمعية المحامين الأميركيين تقرير ماك كرايت حول وضع تعليم القانون والتدريب ما بعد التخرّج لأعضاء الجمعية. وهذا التقرير معترف به قومياً كوسيلة طليعية لتطوير معرفة المحامين، وهو يقّدم جردة مفصّلة للمهارات الأساسية والقيم المهنية الضرورية لممارسة كفؤة للمهنة، وكذلك صورة أولية لكيفية حصول أعضاء المهنة الجدد على هذه المهارات والقيم الجوهرية. يحدّد التقرير المهارات والقيم التالية الضرورية لممارسة كفؤة ومسؤولة:
المهارات
حلّ المشاكل
التحليل والتفكير القانوني
البحث القانوني
التحري عن الحقائق
القدرة على التواصل والاتصال
إعطاء المشورة
التفاوض
معرفة إجراءات أصول المحاكمات والأساليب البديلة لحلّ الخلافات
تنظيم وإدارة العمل القانوني
الإدراك للمعضلات الأخلاقية وحلها
القيم
توفير تمثيل كفؤ
السعي من أجل تعزيز العدالة، والإنصاف، والأخلاقيات
التنمية المهنية الذاتية
بغض النظر عن أن كليات الحقوق تتحمل تجاه المهنة مسؤولية التأكد من أن الطلبة يتخرجون بدرجة معينة من البراعة، لكن تقرير ماك كرايت يدرك أن "كليات الحقوق في الولايات المتحدة لا يُنتظر منها منطقياً تحمل مهمة تحويل حتى الطلاب الأكفاء جداً إلى محامين مؤهلين تمامًا ومجازين لمعالجة قضايا قانونية". فسنوات دراسة القانون الثلاث تضع حجر الأساس. ويشدد التقرير على "أن مدرسي القانون.. والمحامين الممارسين للمهنة.. يقومون بجهد مشترك ألا وهو تنمية مهارات وقيم المحامين الأكفاء والمسؤولين من خلال عملية متواصلة تبدأ قبل كلية الحقوق، وتبلغ مرحلتها الأكثر تأثيراً وكثافة خلال تجربة كلية الحقوق ثم تستمر طوال الحياة المهنية للمحامي". إن الثقافة القانونية في الولايات المتحدة تعتبر التعليم المتواصل للقانون كالتزام يستمر مدى الحياة.
التعليم المتواصل للقانون اليوم
تلعب برامج التعليم المتواصل للقانون دوراً رئيسياً في تعليم المهارات والقيم التي يحتاجها المحامون لأجل بلوغ والحفاظ على المعايير المهنية المقبولة والمطلوبة لممارسة المحاماة في الولايات المتحدة. وتأخذ برامج التعليم المتواصل للقانون عدة أشكال، كما يتم تقديمها في عدة أماكن من قبل العديد من المشاركين.
التدريب داخل المؤسسات - تقدم شركات المحاماة الكبرى وكبريات منظمات القطاع العام مثل وكالات الحكومة الفدرالية في أحيان كثيرة تعليماً نظامياً للقانون داخل مكاتبها للشركاء في تلك الشركات، وللعاملين معهم فيها، وللمحامين الموظفين لديها وغيرهم من المساعدين القانونيين. وقد تكون برامج التدريب متنوعة بقدر تنوع المؤسسة نفسها، لكن أهم ما في الأمر أن التدريب داخل المؤسسات يسمح بتكييف المناهج الدراسية مع حاجة الشركات أو المؤسسات الأخرى. ويمكن أن يكون التدريب الاحترافي الداخلي، خاصة بالنسبة للمحامين الجدد، قائماً على تعزيز المهارات، كالحلقات الدراسية حول الكتابة القانونية، والتفاوض بالنسبة للعقود، وتنمية وتعزيز مهارات إقامة الدعاوى والمحاكمات (مثلا، كيفية أخذ شهادات الشهود، وكيفية القيام بالاستجواب المضاد للشهود). إن أكثرية لا بأس بها من شركات المحاماة الصغرى لا تقدم تدريباً داخلياً منتظماً للمحامين الجدد. ويتم اكتساب المهارات فيها عادة عن طريق العمل.
يتم تقديم برامج التدريب الداخلية عادة على يد الشركاء في الشركة، أو الزملاء الرئيسيين، أو الموظفين من المحامين فيها، علماً أن بعض شركات المحاماة قد تلجأ إلى خدمات منسّق للتطوير الاحترافي للمحامين مهمته تنسيق التدريب المهني للمحامين في الشركة. تتكون برامج التدريب على أساس الدراسة الذاتية، مثل أشرطة الفيديو المرئية والمسموعة من مزودين خارجيين لبرامج تعليم القانون المتواصل.
المزودون الخارجيون للتعليم المتواصل للقانون - ثمة مجموعة واسعة من المزودين الخارجيين للتعليم المتواصل للقانون، بينها منظمات قومية لا تبغي الربح مثل مركز التعليم المتواصل للقانون التابع لجمعية المحامين الاميركيين، والمعهد الأميركي للقانون/التابع للجنة التعليم المتواصل للقانون في جمعية المحامين الاميركيين، ومعهد ممارسة مهنة المحاماة، وجمعيات المحامين المحلية وتلك التابعة للولايات، وكليات الحقوق. وهناك أيضا مزودون تجاريون مثل شركة اسبن للقانون والأعمال (
).
يركز المزودون القوميون على المواضيع القانونية على الصعيد الفدرالي مثل الضرائب الفدرالية، والأوراق المالية (الأسهم والسندات)، والفوائد العائدة للموظفين. أما جمعيات المحامين المحلية أو التابعة للولايات فتركّز على المواضيع التي تخضع لقوانين الولايات التي تختلف بين ولاية وأخرى، مثل قوانين العائلة، والتخطيط العقاري، وقانون العقارات، وقوانين الأضرار الشخصية، والجرائم وغيرها من المواضيع. وقد تشمل برامج جمعيات المحامين المحلية وتلك التابعة للولايات برنامجاً انتقالياً نظامياً لمساعدة أعضاء الجمعية الجدد على تنمية المهارات والقيم الضرورية لممارسة المهنة بكفاءة.
وتقدم جمعية المحامين الاميركيين عبر مركز التعليم المتواصل للقانون، التعليم المتواصل بواسطة أشكال متنوعّة، تقليدية ومتجددة، من الدراسة عن بُعد. إن أكثر هذه الأشكال تقليدية هي عبارة عن حلقات دراسية مدتها من يوم إلى ثلاثة أيام تميل لأن تكون تحديثا سنويا لميادين هامة من القانون مثل عمليات الدمج والشراء للشركات، وإقامة الدعاوى المشتركة لعدد من الأفراد وتضم هذه الحلقات متحدثين مشهورين على الصعيد القومي خبراء في المواضيع الخاصة التي تعالجها الحلقات. ومن الميزات الفارقة للحلقات الدراسية الحيّة إمكانية التفاعل أو التواصل والترابط مع المشاركين الآخرين الذين يمارسون نفس ميادين الاهتمام المشترك أو الميادين المتعلقة بها، وإمكانية إقامة اتصالات في ما بين المشاركين بهدف التشاور وتطوير التعاون مستقبلا. وفي حين يكون حضور هذه الحلقات كبيرا لكنها تترافق في أحيان كثيرة مع ورش عمل تمكّن المشاركين من التحوّل إلى مجموعات أصغر بغية مناقشة ميادين محددة من القانون بمزيد من التفاصيل.
التعليم المتواصل للقانون من خلال التكنولوجيا
تقدم جمعية المحامين الاميركيين التعليم المتواصل للقانون عبر عدة أنواع من أشكال التعليم عن بعد غير التقليدية بما فيها الحلقات الدراسية عبر الأقمار الصناعية، والمؤتمرات التلفونية، والمؤتمرات عبر الفيديو مع البث المتزامنة والبث على شبكة الإنترنت وغيرها من البرامج المتصلة بالإنترنت. تدوم الحلقات بواسطة الأقمار الصناعية عادة أربع ساعات وتتطرق إلى القضايا والمواضيع التي تحدث بسرعة وتكون ذات أهمية قومية وتذاع حية في ما يتراوح بين 80 و100 موقع عبر البلاد. وتُشكل الحلقات الدراسية عبر الأقمار الفضائية منبراً لنشر المعلومات القيمة إلى جانب فرصة التواصل مع شبكة الإنترنت، بينما يتم توفير تكاليف وأوقات الانتقال بالنسبة للمحامين الكثيري الأشغال.
تناقش المؤتمرات على التلفون المواضيع الساخنة، وتدوم بين 60 و90 دقيقة، أما الوصول إليها فهو سهل يتم من أي مكان وبواسطة أي هاتف. يتبع البرنامج دورة حيّة ومتفاعلة من الأسئلة والأجوبة، وباستطاعة المشاركين طرح الأسئلة عبر الإنترنت. تكمن إحدى الحسنات الرئيسية للمؤتمرات التلفونية في إمكانية الحصول على تعليم متواصل للقانون من المكتب بالذات وبكلفة متدنيّة. ولان تنظيم هذه المؤتمرات يحتاج عادةً إلى وقت أقل، تستطيع هذه المحاضرات الاستجابة لقضايا ساخنة، مثل القرارات الهامة التي تتخذها المحكمة العليا في الولايات المتحدة. وتوزع مواد المقررات الدراسية على الخط عبر صفحة إنترنت مصاحبة لها. ومن أبرز النجاحات التي تحققت بفضل استعمال هذه الطريقة في التعليم، كان برنامج "كونيكشن" لجمعية المحامين الاميركيين، وهو برنامج شهري للتعليم المتواصل للقانون يرسل مجاناً إلى أعضاء الجمعية . وتنشر مجلة جمعية المحامين الاميركيين شهرياً مقالاً حول موضوع رئيسي يُستخدم كمادة دراسة ونقاش في المؤتمرات التلفونية. يقرأ المحامون المقال مسبقاً ثم يتصّلون هاتفياً بالمؤتمر التلفوني.
وتشكل مؤتمرات الفيديو مع المؤتمرات التلفونية والبرامج التي تدرس عبر شبكة الإنترنت نوعاً آخر من التعليم المتواصل الداخلي للقانون. وهذه المؤتمرات متوافرة بواسطة معدات مؤتمرات الفيديو، والهاتف، أو عن طريق الإنترنت. وكما هي الحال في المؤتمرات التلفونية القائمة بذاتها تُقام حصص من الأسئلة والأجوبة لإكمال هذا البرنامج.
تُسجل البرامج المذكورة أعلاه وتتوفّر على شرائط فيديو مرئية أو مسموعة الأمر الذي يقودنا إلى طريقة هامة أخرى للحصول على التعليم المتواصل للقانون ألا وهو: التعليم الذاتي. ويستطيع المحامون شراء برامج الفيديو المرئية أو المسموعة مع الكتب المرافقة لها أو أية مواد دراسية أخرى، ومراجعتها حسب ما يناسبهم وبالوتيرة التي يريدون. وتسمح الكتب الصوتية والشرائط المسموعة و الأقراص المدمجة المأخوذة عن الكتب التي تم نشرها سابقاً للمحامين الكثيري الانشغال، وغير القادرين عادة على تخصيص وقت للقراءة، بالاستماع إلى الشرائط أو الأقراص المدمجة أثناء انتقالهم إلى أماكن عملهم. ويمكن أن تكون الشرائط المسموعة وشرائط الفيديو المرئية أيضاً جزءاً من برامج داخلية أوسع عندما يجتمع العديد من المحامين لمشاهدة أو للاستماع لعرض. وأخيرا، إن الندوات الدراسية للقانون بالفيديو هي شرائط فيديو يتم إنتاجها مهنيّا للتعليم المتواصل للقانون ومصمّمة كبرامج فردية أو كجزء من سلسلة من الدروس الكاملة. وتقوم العديد من الندوات الدراسية للقانون بالفيديو على المهارات وكثيراً ما تتضمن عروضا تمثيلية وروائية، وبيانات توضيحية كمبيوترية إضافة إلى وسائل مرئية أخرى لتحسين محتوى البرامج.
وكلما تقدمت التكنولوجيا كلما توجّب على التعليم المتواصل للقانون أن يتقدم بدوره. ويتوجب على المشاركين في تزويد التعليم المتواصل للقانون تطوير وسائل متجددة باستمرار لإعطاء المحامين مزيدا من إمكانيات الحصول على التعليم المتواصل هذا. ومن بين إشكال التعليم القائمة على تكنولوجيات جديدة والتي تستعملها جمعية المحامين الاميركيين، مثلاً، إذاعة أشرطة الفيديو المرئية والسمعية على شبكة الإنترنت (البث). وتسمح هذه الطريقة للمحامين بالحصول إلى برامج حية أو محفوظة في الأرشيف من التعليم المتواصل للقانون عبر الإنترنت. ويستطيع المشاركون الاستماع إلى البرامج المتصلة بالإنترنت من خلال مشاهدة الشرائح الإلكترونية والمواد الدراسية الأخرى. ويتفاعل أعضاء هيئة التدريس مع المشاركين بالبرنامج عبر الشبكة خلال البرنامج وذلك عن طريق رسائل البريد الإلكتروني. ومن الأمثلة على إذاعة عبر الشبكة الحي وهي الإذاعة المسموعة التي تقدم بالتزامن مع كل من المؤتمرات التلفونية. يتضيف بث الفيديو على شبكة الإنترنت إلى إشارة البث بحيث يصبح بإمكان المشاركين مشاهدة البرامج على الإنترنت مع الشرائح والمواد المرافقة.
هناك نوع آخر من البرامج الإنترنتية الذي تقدمه جمعية المحامين الاميركيين إلى أعضائها وإلى المهنة ككل وهو برنامج تفاعلي يشكل نوعا جديداً من البرمجة على الإنترنت، حيث تقدم المعلومات إلى المشاركين بواسطة الفيديو المرئي والمسموع وبالنص المطبوع أيضا. وتوزّع الأسئلة والتمارين عبر فترات الدراسة التفاعلية لأجل تحقيق مشاركة مستعملي البرنامج المستخدمين. وبإمكان المشاركين الوصول أيضا إلى مواد التدريس التي يمكن إنزالها من الإنترنت على الكمبيوتر. وهناك مثال لبرنامج تفاعلي شعبي هو عبارة عن برنامج الكتابة على الإنترنت يمكّن المشاركين من تحسين مقدرتهم الكتابية والتحريرية عن طريق استعمال نماذج من التمارين ومن كسب استجابة محددة وفورية على هذه التمارين.
التعليم المتواصل الإلزامي للقانون
تفرض كل من الولايات الخمسين حصول المحامين على رخصة لممارسة المحاماة في تلك الولاية، وتضع كل ولاية شروطها الخاصة لاستمرار مفعول هذه الرخصة القانونية. وتشترط أربعون ولاية من أصل خمسين أن يتلقى المحامون بصورة منتظمة التعليم المتواصل للقانون كشرط للمحافظة على رخصهم لممارسة المحاماة. ومن أهم إنجازات جمعية المحامين الاميركيين خلال المئة وخمس وعشرين سنة من تاريخها كان تطوير أنظمة أو قواعد نموذجية.
وقد صمّمت هذه الأنظمة أو القواعد بهدف وضع معايير لمجالات معيّنة من القوانين بغية تأمين التماثل بين القوانين في كافة الولايات. وتستخدم المجالس التشريعية هذه القواعد كدليل لدى تبنيّها القوانين التي ستطبق في نطاق مناطق سلطاتها القانونية. وقد جرى تطوير القاعدة النموذجية التي وضعتها جمعية المحامين الاميركيين كحد أدنى للتعليم المتواصل للقانون طبقاً لقرار اللجنة الدائمة للتعليم المتواصل للقانون كمعيار نموذجي للاقتداء به ولتبني معايير ووسائل موحّدة كبرامج التعليم المتواصل للقانون، وللمشاركين به. وقد تم إقراراها عام 1986. وتغطي هذه القاعدة النموذجية، من جملة ما تغطيه من قضايا تعيين، وتشكيل الجسم الإداري الذي سيحكم التعليم المتواصل للقانون، وعدد الساعات التي يحتاجها التعليم المتواصل الأدنى للقانون سنوياً، والتقارير التي يقدّمها المحامون عن هذا التعليم إلى الهيئات الحاكمة لكل منهم، والعقوبات والاستئنافات، والمحامين الذين تغطيهم هذه القاعدة، والموافقة على أو اعتماد المشاركين في التعليم المتواصل للقانون والدراسة الذاتية.
وتُستخدم القاعدة النموذجية لجمعية المحامين الاميركيين كمرشد لكل من الولايات الأربعين التي تبنّت الحد الأدنى للتعليم المتواصل للقانون. وهكذا فهناك عدد لا يحصى من الأنظمة القائمة حول أعداد وأنواع (مثلاً، الأخلاقيات) من ساعات الوحدات الدراسية المطلوبة لكل فترة من فترات التقارير المطلوبة، وطول هذه الفترات، والمحامين الذين تغطيهم القاعدة النموذجية هذه، وتعريف ماهية التعليم المتواصل للقانون، والوحدات الدراسية المحتسبة "للدراسة الذاتية" والتي تتكون من برامج شرائط مرئية أو مسموعة أو البرامج المتصلة بالإنترنت. وتتطلب بعض الولايات مثلاً، 12 أو 15 ساعة من الوحدات الدراسية مع فترات لرفع تقارير سنوية، في حين تتطلب ولايات أخرى 45 ساعة من الوحدات الدراسية، لكن مع فترات رفع تقارير كل ثلاث سنوات. وتحدد بعض الولايات فترات رفع التقارير على أساس الذكرى السنوية للموافقة على بدء ممارسة المحامي مهنته، في حين تحدد ولايات أخرى فترة رفع التقارير على أساس تاريخ معيّن (مثلا الحادي والثلاثين من شهر كانون الثاني/يناير من كل ثلاث سنوات)، أو حتى على أساس تاريخ ولادة المحامي. إن نسبة الوحدات الدراسية المتعلقة بآداب المهنة بالمقارنة مع الوحدات الدراسية الأخرى للتعليم المتواصل الأدنى للقانون تختلف أيضا بين ولاية وأخرى.
ولكل ولاية قواعد مختلفة تحدد من هم الذين يخضعون لهذه القواعد. وهناك بشكل عام شروط مختلفة للتعليم المتواصل الأدنى للقانون بالنسبة للمحامين الممارسين المنخرطين في ممارسة القانون وبالنسبة للمحامين غير الناشطين الذين لا يمارسون المحاماة بانتظام. فالمحامون الذين لا يعملون يخضعون لشروط أدنى من تلك التي يخضع لها المحامون الناشطون. ويتوقف وصف المحامي بالناشط أو المتوقف عن العمل على تصنيفه في الولاية، لكن هناك خيوطاً مشتركة بينهم. مثلاً، قد يرغب المحامي المتقاعد غالباً في أن يصنّف كغير ناشط وقد تكون هناك شروط مختلفة تطبّق على المحامين المقبولين حديثاً. وقد يطلب من المحامين الذين يمارسون منذ أقل من ثلاث سنوات أخذ عدد ما من المقررات الدراسية حول المهارات الأساسية، وذلك بعد مرور فترة قصيرة على قبولهم في الجمعية. وقد يطلب من المحامين على جميع المستويات اكتساب عدد ما من ساعات التدريب في مواضيع آداب المهنة وتعاطي المخدرات خلال فترات رفع التقارير.
وتحدد الولايات التعليم المتواصل للقانون كذلك بطرق مختلفة. وثمة ولايات لا تحتسب أي وحدات دراسية لبرامج الدراسة الذاتية ضمن التعليم المتواصل الأدنى للقانون، وتلزم المحامين الحصول على وحدات دراسية من القاعدة النموذجية للتعليم المتواصل للقانون عن طريق حضور برامج حيّة. وهناك ولايات لا تعترف بالبرامج المعطاة على الإنترنت. لقد كانت جمعية المحامين الاميركيين دوماً الرائدة في استخدام التكنولوجيا المتجدّد لتأمين التعليم المتواصل للقانون كما أنها تقف على رأس المطالبين بأن توافق وكالات الولايات المانحة للاعتراف بالشهادة وترخيص العمل للمحامين على منح وحدات دراسية مكتسبة للمشاركين في تعليم القانون المتواصل القائم على جميع أشكال القواعد التكنولوجية المتقدمة.
الخـلاصـة
يشكل حكم القانون في الولايات المتحدة الأساس لقيمنا الأساسية، وهناك عدد قليل أخر من المبادئ الأساسية لحياة المحامي في الولايات المتحدة، مثل الشعور بأهمية التعليم طيلة الحياة، تجديد معارف الإنسان ومهاراته، وإعادة تنشيط القيم المهنية. فهذا الشعور بالاستمرارية والتجديد هو الذي يدفع النظام القوي للتعليم المتواصل للقانون، بحيث تتم المحافظة على معارف ومهارات المحامين عند أعلى مستوياتها، كما تجري حماية نظامالعدالة في الولايات المتحدة.
